الثلاثاء، نونبر 20، 2007

07 août 2007
أفريقيا وأوروبا: تحدّيات الأولى والتزامات الأخرى
أفريقيا وأوروبا: تحدّيات الأولى والتزامات الأخرى



07/08/2007
لقاء قارّتين على التعاون وحوار الثقافات والشعوبكأنما كوفي أنان أصاب قلب المأساة اللبنانية حين قال في خطابه الافتتاحي ليل الجمعة (3 آب الجاري : ( "يبقى موضوعٌ راهنٌ لا بدّ من معالجته الفورية في العالم: الارتحال من بلد الىآخر، وهو ما يسمى "الهجرة". فنتيجة ارتحال شعوب خارج حدود بلدانها، باتت مجتمعاتٌ كثيرة في العالم متعددةً ومختلَطة، وتبقى مجتمعات أخرى مرشحة في المستقبل القريبلمواجهة ذينك التعدد والاختلاط. فهذا الارتحال لن يتوقف، وعلينا نحن، كمجتمع دولي،أن نعالج هذه الظاهرة أفضل مما نعالجها به اليوم، لا من أجل الذين يرتحلون بل منأجل البلدان التي يتركون وراءهم، وتلك التي يرتحلون عبرها، وتلك التي يرتحلون إليها.
ومَن يهاجرون اليوم، إنما للأسباب نفسها التي دفعت حتى اليوم الملايين الىهجرة أراضيهم والذوبان في شعوب أخرى على أراضٍ أخرى. وفي رأس تلك الأسباب: الحربالداخلية، الأوضاع الاقتصادية المزْرية، الطغيان في الحكم، أو البحث عن ظروف أفضلللعيش في بلدان أخرى. فكثيرون من الناس يرتحلون عن بلدانهم لا لرغبتهم في ذلك بللأنهم لا يرون مستقبلاً في أوطانهم. من هنا مسؤوليتنا المشتركة بتأمين الأمنوالأمان في الأوطان الأصلية لتقليص الأسباب التي تؤدي بالشعوب الى الارتحال عنأوطانها". جاء هذا الكلام العميق المؤثِّر خاتمة خطاب الأمين العام السابق للأممالمتحدة كوفي أنان، على منبر ملتقى "موسم أصيلة الثقافي الدولي" الذي افتتح دورتهالتاسعة والعشرين في مدينة أصيلة البحرية المغربية التي تشهد سنوياً هذه التظاهرةالثقافية وتستقطب مفكرين وأدباء وفنانين تشكيليين وموسيقيين ومسرحيين من معظم دول العالم.الجلسة الافتتاحية (حضرها الرئيس السنغالي السابق والأمين العام للمنظمةالفرنكوفونية الدولية عبده ديوف، ومسؤولون أفارقة وأوروبيون كبار، وحشد كثيف منمدعوين سياسيين ودبلوماسيين وإعلاميين) استهلَّها محمد بن عيسى (وزير خارجيةالمغرب، رئيس المجلس البلدي في أصيلة، مدينة ولادته، والأمين العام لمؤسسة "منتدىأصيلة" التي تنظّم "موسم أصيلة الثقافي" كل عام) فألقى "الرسالة السامية لصاحبالجلالة الملك محمد السادس" راعي المهرجان، وراعي ندوة "أفريقيا وأوروبا: تحدياتالأُولى والْتِزامات الأخيرة" بتنظيم جامعة المعتمد بن عباد الصيفية (في أصيلة) ضمنالدورة الثانية والعشرين لسلسلة ندواتها الصيفية، وفي سياق الدورة التاسعة والعشرينلـ"مواسم أصيلة الثقافية".
ملك المغرب: مواجهة الإرهاب والهجرة
"رسالة" الملك محمد السادس كانت بليغة المدلول فيتشديدها على ضرورة الحوار بين القارات والحضارات والشعوب، وضرورة التعاونالأفرو-أوروبي لتجنّب ما تواجهه القارتان من تحديات. وفي "الرسالة": "تتقاسمقارّتانا تحديات الأمن والاستقرار والهجرة والتنمية المستدامة والتغيُّرات البيئيةوالفقر والأُمّيّة والبطالة والأوبئة الفتّاكة وسوء الحَكَامة، وخصوصاً الإرهابالْمَقيت بشتّى أشكالِهِ العدوانيةِ مهدِّدةِ الأمن والاستقرار والسلام، وهو مايتطلب منا تضافر الجهود في إطار استراتيجية دولية تضع حدّاً لهذه الآفة التيتنبذُها القيم الدينية والمبادئ الكونية، وتتصدّى لدوافعها وتستأصلها من جذورها. ولعلّ أشد التحدّيات خطراً على قارتنا الأفريقية: النّزوع المتكرر الى التجزئةوالبلقنة وقيام ودعم حركات انفصالية وكيانات وهمية لا مكان لها في عالم التكتلات،وانصراف السلطات الوطنية الى معالجة النّزاعات المسلّحة على حساب مشاريع التنمية،وهو ما يستنْزف قوى العديد من الدول ويكرّس الفتنة وعدم الاستقرار، ويفتح البابواسعاً لتهريب الأسلحة وترويج المخدّرات والاتّجار بالسلاح والبشر والهجرة غيرالشرعية".أما الالتزامات المشتركة بين القارتين فحدّدتها "رسالة" الملكبـ"ضرورة احترام كل منا الآخر،احترام خصوصياتنا وثقافاتنا وقيَمنا في أفريقياوأوروبا، واحترام السيادة التامة والوحدة الوطنية والترابية لكل دولة، ونبذ اللجوءالى القوة والتهديد، والعمل على فضّ خلافاتنا بالطرق السلمية والحوار والتفاوضوالتشاوُر طبقاً للمواثيق الدولية ومراعاة تامة لمستلزمات حسْن الجوار، واحترامحقوق الإنسان والنهوض بأوضاع المرأة والطفل والفئات المهمَّشة. كل ذلك باعتمادالحَكَامة الجيّدة والاستعمال الرشيد لمواردنا البشرية والطبيعية في إطار تنميةمستدامة، والالتزام بالنهج الديمقراطي وما يضمن النهوض بمهامّ منظمات المجتمعالمدني ووسائل الإعلام في ظل الحرة والمسؤولية من أجل تحقيق نقلة حضارية والالتحاقبمسيرة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام خصوصيات كل شعب وموروثه الحضاريوضرورة اندماجه الإقليمي على قاعدة عصرية صلبة للاقتصاد والتنمية".
كوفي أنان: المغرب جسر التفاعل بين القارتين
الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان شدَّد فيكلمته على أنّ "المغرب جسرٌ بين القارتين. وبهذه الصفة كان مسرحاً ممتازاً للتفاعلبين شعوبهما، منذ تفاعل البربر بين دول المتوسط ودول شبه الجزيرة الإيبيرية، وتطوّرمع العصور الى تبادل في الثقافات والبضائع والتراث والأفكار أغنى المجتمعات فيأفريقيا وأوروبا. من هنا أهمية الاتحادين الأوروبي والأفريقي المستحدثين في السنواتالأخيرة، وتعاونهما معاً منذ أول مؤتمر أفرو-أوروبي في القاهرة سنة 2000، وامتداداًالى بدء عمل بين الاتحادين سنة 2005". وكشف أنان عن حماسته للعمل، منذ مطلع 2007،كـ"رئيس منظمة الاتحاد من أجل ثورة خضراء في أفريقيا" تعمل على ثورة زراعية ترفع منمستوى العيش، كما حصل في الهند ومعظم آسيا وفي أميركا اللاتينية حيث "الثورةالخضراء رفعت مردود المحاصيل الزراعية فأنقذت حياة مئات ملايين السكان".خاتمةالجلسة الافتتاحية كانت بثلاث كلمات مختصرة، الأولى لوزير خارجية إسبانيا ميغيلأنخل موراتينوس، شدَّد فيها على أهمية اللقاء الأفرو-أوروبي لإنقاذ شعوب القارتينمن مخاطر مقبلة، والثانية من محمد المدني الأزهري الأمين العام لتجمُّع دول الساحلوالصحراء (يضم 25 بلداً أفريقياً من معظم دول الشمال والغرب وبعض الوسط والشمال) شدد فيها على "ظاهرة البؤس والفقر في الدول الأفريقية التي تأتي في ذيل القائمةالعالمية، وأشار الى تنامي السكان الأفارقة بحيث سيصبحون ملياراً و200 مليون نسمةفي العام 2050، ومع ذلك لا تزال قارة أفريقيا بكراً وغنيّة للاكتشاف". وكانت الكلمةالثالثة والأخيرة للإسباني جوزيبي بوريل (الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي والرئيسالحالي للجنة التنمية في هذا البرلمان) أشار فيها الى ضرورة العمل على التنميةالمستدامة، وختمها بأنّ "مهمتنا ليست أن نطوّر الآخرين بل أن نتطور نَحن كي نستطيعأن نُفيد الآخرين".
هنري زغيب
أَصِيلة (المغرب)

ليست هناك تعليقات: