الاثنين، ماي 21، 2007

د ليل الصحا فة المستقلة


المقدمة... د ليل الصحا فة المستقلة
الصحا فة مهنة ومهارة، حيث أن الصحفيين يستخدمون مهارات متخصصة ويتقيدون بمعايير مشتركة. فما الذي يجعل مهنة الصحافة مختلفة عن المهن الأخرى كالطب أو المحاماة، اللتين يمكن وصفهما بشكل مماثل؟ لعل أكبر اختلاف هو الدور الخاص الذي تلعبه وسائل الإعلام في المجتمعات الحرة.وكثيرا ما وصفت الصحافة الحرة بأنها أكسجين الديمقراطية، لأنه ليس بوسع أي منهما البقاء بدون الآخر. وقد أشار الكاتب السياسي الفرنسي أليكسيس دي توكفيل إلى ذلك عندما زار الولايات المتحدة قبل 200 سنة تقريبا، حين كتب أنه "لا يمكن وجود صحف حقيقية بدون ديمقراطية، ولا يمكن وجود ديمقراطية بدون صحف". وقد ثبتت صحة هذا العرض البسيط للأمر منذ ذلك الحين في دول في جميع أنحاء العالم. وتعتمد الديمقراطيات، الوطيدة والناشئة على حد سواء، على موافقة مواطنين مطلعين على الحكومة وسياساتها، ووسائل الإعلام هي المصدر الرئيسي للمعلومات التي يحتاج إليها الناس لكي يحكموا أنفسهم.وقد وضعت دول كثيرة آليات حماية قانونية للصحافة الحرة لضمان قدرة الصحفيين على توفير تلك المعلومات. ففي الولايات المتحدة، مثلا، نجد أن الصحافة هي المهنة الوحيدة المذكورة في الدستور الذي ينص على ما يلي: "لا يجوز للكونغرس أن يضع أي قانون ... يحدّ من حرية الكلام أو الصحافة". وكما كتب توماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة، في العام 1787 "بما أن الأساس الذي تقوم عليه حكومتنا هو رأي الشعب، فإن الهدف الأول يجب أن يكون صيانة هذا الحق، ولو أنني خيّرت بين أن تكون لدينا حكومة بدون صحف، أو صحف بدون حكومة، لما ترددت لحظة في تفضيل الخيار لأخير". ولا يتمتع الصحفيون في المجتمعات الحرة بحمايات قانونية معينة وحسب، وإنما تلقى على عاتقهم مسؤوليات أيضا. وفي حين يتم تحديد وإيضاح هذه المسؤوليات بشكل لا لبس فيه في بعض الدول، فإنها تكون مفهومة ضمناً في دول أخرى. ولكنها متماثلة في جميع الحالات تقريبا: تقع على عاتق الصحفيين، لإبقاء المواطنين مطلعين على بواطن الأمور، مسؤولية توفير المعلومات الدقيقة بطريقة نزيهة منصفة- ومستقلة - عن أي تدخل غير مشروع. وقد أصبحت وسائل الإعلام في المجتمعات الديمقراطية حول العالم تؤدي وظيفة إضافية كحراس أو حماة يراقبون نشاطات السلطتين السياسية والقضائية في الحكومة. وحافظت وسائل الإعلام على بقاء الديمقراطيات ونجاحها بإعطاء صوت لمن ليس لهم صوت، وضمان عدم تمكن الأغلبية الحاكمة من الدوس على حقوق الأقلية. وقد قال الكاتب الأميركي الساخر فينلي بيتر دان في القرن التاسع عشر إن مهمة الصحفي هي "مواساة المصاب وتعذيب المرتاح". ولكن دور الصحافة الرئيسي في المجتمعات الحرة ظل هو نفسه ولم يتغير منذ أجيال. فعندما استطلعت "لجنة الصحفيين المعنيين بشؤون المهنة" وهي مجموعة تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، آراء الصحفيين حول طبيعة مهنتهم في نهاية القرن العشرين، توصلت إلى هذه النظرة المشتركة بينهم: "الهدف الأساسي للصحافة هو تزويد المواطنين بالمعلومات الدقيقة والموثوقة التي يحتاجون إليها للعب دورهم في مجتمع حر". ويقدم هذا الدليل مقدمة موجزة لأسس ومبادئ الصحافة كما تمارس في الأنظمة الديمقراطية - صحافة تحاول أن تستند إلى الحقيقة وليس إلى الرأي. وفي حين أنه يفسح المجال لإبداء الرأي، إلا أن ذلك يظل محصوراً في أفضل الصحف المحررة جيدا على صفحات الافتتاحيات وأعمدة كتاب مقالات الرأي (وهم كتاب ضيوف على الصحيفة). وهذا هو نوع الصحافة الذي مارسته بنفسي على مدى أكثر من 20 عاما كمراسلة وكمحررة، والذي أعلّمه الآن في ورش العمل المهنية في الولايات المتحدة وحول العالم. وهدفي هو تقديم دليل مفيد وعملي يساعد جميع الصحفيين على تقديم عمل أفضل للمجتمعات التي يخدمونها

MMMMMMMMMMMMMMMMMMMMMMMM

المبادئ الأخلاقية والقانون
صول على الأنباء
من هو أفضل شخص يتحدث عن القصة الإخبارية؟ في مشاهدة الأحداث بأنفسهم حين يكون ذلك ممكنا لكي يصفوها بدقة للجمهور. ويستخدم الصحفيون الجيدون كل حواسهم في موقع الحدث. فهم ينظرون ويستمعون ويشمون ويتذوقون ويتحسسون القصة الإخبارية لكي يتمكن الجمهور من ذلك أيضا.
ويتعين على الصحفيين، للقيام بذلك على نحو جيد، تسجيل ملاحظاتهم بدقة. والصحفي الذي يعمل في الصحافة المطبوعة يستطيع أن يؤدي عمله/عملها باستخدام دفتر ملاحظات وقلم رصاص أو قلم حبر، ولكن الكثيرين منهم يحملون أجهزة تسجيل صوتية أو كاميرات أيضاً، خاصة إذا كان متوقعاً منهم تقديم قصص إخبارية لطبعة إلكترونية أيضا. أما بالنسبة للراديو فإن الصحفيين يحتاجون إلى تسجيل الصوت، وبالنسبة للتلفزيون يحتاجون إلى الصوت والفيديو.
واستخدام جهاز التسجيل وسيلة للتأكد من دقة أي أقوال قد تستشهد بها وتنقلها. ولكن الأجهزة الإلكترونية معرضة للخلل والتوقف عن العمل ولذا فإن من المهم لجميع الصحفيين أن يكونوا مدوني وقائع ماهرين. وفيما يلي بعض الأفكار المفيدة حول تدوين الوقائع من صحفيين متمرسين:
دوّن الحقائق والتفاصيل والآراء والأفكار. أوضح الفرق بينها ومصدر كل منها.
أرسم رسوما بيانية للغرف أو المشاهد أو المواد تظهر علاقتها ببعضها بعضا.
احرص دائما على الحصول على التهجئة الصحيحة للأسماء وعلى الألقاب الصحيحة والمعلومات الصحيحة المتعلقة بالاتصال بالأشخاص. اسأل عن تاريخ الميلاد والسنة التي ولد فيها الشخص لضمان كونك حصلت على عمره الصحيح.
أوضح القواعد التي أجريت المقابلات على أساسها في دفتر الملاحظات.
لا تحشو المعلومات حشواً بل أترك مساحة لإضافة الحواشي والملاحظات التفسيرية.
أترك الغلافين الداخليين فارغين لكي تكتب فيهما الأسئلة التي ستسألها في وقت لاحق.
أضف الحواشي والملاحظات التفسيرية بأسرع ما يمكن.
يستخدم صحفيون كثيرون مختصراتهم الشخصية للكلمات المألوفة لكي يتمكنوا من كتابة الملاحظات بسرعة. ثم يذيّلون ملاحظاتهم، ويفصّلون المختصرات لتفادي التشوش فيما بعد. كما يعلّمون على أهم المعلومات التي حصلوا عليها والأقوال الجيدة التي قد ينقلونها للاستشهاد بها في القصة الإخبارية، وأي شيء يحتاجون لمتابعته أو التحقق من صحته، والأسئلة التي ما زالت بحاجة إلى إجابة. ويتعين على الصحفيين، وقد يبدو هذا أمراً بديهياً لا حاجة لذكره، أن يكونوا متأكدين من أنهم يحملون معهم الأدوات التي يحتاجون إليها قبل التوجه لتغطية القصة الإخبارية: دفتر ملاحظات، قلم، جهاز تسجيل أشرطة أو جهاز تسجيل رقمي وبطاريات جديدة. فليس هناك شيء أكثر إحراجا من الوصول إلى مكان الحدث ثم اكتشاف عدم وجود فيلم أو شريط في الكاميرا، أو أن القلم الوحيد في جيبك خال من الحبر. وكثيراً ما يحمل الصحفيون في هذه الأيام أدوات إضافية: تليفون جوال وجهاز كمبيوتر شخصي صغير نقال. وهناك بعض المواد البسيطة الأخرى التي قد تكون مفيدة أيضا. فوضع رباط مطاط حول دفتر الملاحظات، للتأشير على الصفحة الفارغة التالية، يسهل العثور عليها بسرعة. وسيقي كيس بلاستيك دفتر ملاحظاتك من المطر، وبذلك تبقى الصفحات جافة ولا يسيل الحبر عليها. ويساعدك وجود منظار صغير على مشاهدة ما يحدث حتى إذا لم تستطع الاقتراب من موقع الحدث. وسيساعدك وجود آلة حاسبة لديك على تحويل المعلومات كعدد أطنان الوقود الذي تحمله طائرة إلى تعابير مألوفة لدى الجمهور، وفي هذه الحالة إلى لترات أو غالونات.
البحث عن المعلومات
يميل الصحفيون إلى جمع معلومات تزيد كثيرا عما يحتاجون إليه في كتابة قصة إخبارية، إلا أن تلك المعلومات تساعدهم دائما على فهم الحدث أو القضية التي يغطونها على نحو أفضل. وقد ذكر إريك نالدر في تقريره حول طوافات النجاة أن المياه التي تمخر فيها العبارات من البرودة في شهر كانون الثاني/يناير بحيث تؤدي إلى وفاة الإنسان في غضون نصف ساعة. وتضع مثل هذه المعلومات النبأ الخاص بالنقص في طوافات النجاة في السياق الضروري من خلال شرح أهميتها بشكل أكثر وضوحا. وهذا هو بالضبط نوع المعلومات التي يبحث عنها الصحفيون عندما يجرون أبحاثا حول القصة الإخبارية، إما قبل أن يغادروا مكتب التحرير أو في الطريق عندما تخطر الأسئلة على بالهم.
وتتوفر للصحفيين اليوم، بفضل أجهزة الكمبيوتر والإنترنت، أدوات بحث تفوق ما كان متوفراً في أي وقت مضى. والكثير من هذه الأدوات هو مجرد صيغ تكنولوجية متقدمة للأدوات الأساسية للمهنة: سجلات الأسماء والعناوين وأرقام الهاتف وكتب المعلومات السنوية والموسوعات والخرائط. أما البعض الآخر فهو بيانات قواعد وتقارير كان من الصعب الرجوع إليها في أيام ما قبل الإنترنت، وكان الاطلاع عليها يستدعي القيام بزيارة للمكتبة أو لمبنى حكومي. وهناك أدوات أخرى أيضاً لم يكن بإمكان الكثيرين تصورها قبل عقدين من الزمن عندما كانت الإنترنت في أيامها الأولى: محركات البحث والمدونات الإلكترونية (البلوغز) وغرف المحادثة الإلكترونية ولوائح البريد الإلكتروني. وجميع هذه الموارد مفيدة للصحفيين الساعين إلى جمع معلومات تتعلق بخلفية القصة الإخبارية. ولكن واحدة من أهم أدوات البحث الأساسية ما زالت كما هي لم تتغير منذ قرن: مكتبة المؤسسة الإخبارية التي تضم التقارير الإخبارية التي سبق نشرها أو بثها على الهواء. وسواء كانت هذه التقارير قد حفظت على الورق في دروج الملفات أو في ملفات الحاسوب، فهي مكان مفيد يمكن الانطلاق منه لمختلف أنواع القصص الإخبارية. ويحتفظ الكثير من الصحفيين بملفات قصاصات شخصية تتضمن تقارير وأنباء جمعوها عن مواضيع محددة.
تخيل أن الرئيس السابق لدولة مجاورة قد توفي. سيحتاج الصحفي المكلف بكتابة التقرير الإخباري حول ذلك إلى معرفة بعض الحقائق الأساسية: العمر وسبب الوفاة وأين ومتى حدثت الوفاة. كما أن الصحفي سيحتاج إلى الحصول على معلومات تتعلق بفترة تولي ذلك الرئيس منصبه وكيف تغيرت الدولة منذ أن كان رئيسها. والخطوة الأولى هي الاطلاع على التقارير الصحفية السابقة، إما في أرشيف مكتب التحرير أو على الإنترنت. وقد تذكر تلك التقارير شخصا كان مقربا من الرئيس السابق يمكن للصحفي أن يطلب إجراء مقابلة معه. ويحتاج الصحفي إلى معلومات عن خلفية ذلك الشخص قبل إجراء المقابلة، وقد يعلم أن صديق الرئيس السابق قد احتفظ بجميع رسائله، التي قد تكشف عن بعض المعلومات الجديدة المفاجئة. وإجراء مقابلة صحفية بدون القيام بأي بحث مسبق أشبه ما يكون بقيادة سيارة إلى مكان غير مألوف بدون الاستعانة بخريطة. فقد تصل إلى المكان المقصود، ولكن هناك احتمالا كبيراً بأن يفوتك منعطف في الطريق.
المصادر
يستخدم الصحفيون المصادر الأولية والثانوية في تغطيتهم للأخبار. وقد يكون المصدر الأولي مقابلة مع شخص تعامل مباشرة مع الحدث أو الموضوع، أو وثيقة أصلية تتعلق بذلك الموضوع. كما أن الصحفي كشاهد عيان يعتبر مصدرا أوليا. وقد يكون المصدر الثانوي تقريراً مكتوبا يستند إلى الوثيقة الأصلية. ففي حالة وقوع حريق، مثلا، يكون الشخص الذي احترق منزله مصدرا أوليا. كما أن الإطفائي الذي شارك في إخماد الحريق يعتبر هو أيضاً مصدراً أولياً. ولكن البيان الصحفي الصادر عن محطة الإطفاء في اليوم التالي مصدر ثانوي. ومن المبادئ السائدة التي يعتمدها الصحفيون أثناء إجراء بحث يتعلق بخبر ما هو أنه لا يمكن لمصدر واحد أن يقدّم كل المعلومات التي قد يحتاجون إليها. وفي حالة الرئيس السابق فإن كل مصدر تعامل معه الصحفي قاده إلى مصدر آخر. وتناقض المصادر بعضها البعض أحيانا. وللتغلب على التناقضات قد يتعين على الصحفيين إما أن يتوصلوا إلى معرفة الموقف الذي تدعمه البراهين أكثر من غيره أو أن يستعينوا بمصادر أصلية، كالوثائق، لكي يقرروا أي من الروايات هي الرواية الصحيحة. والمصادر الثانوية تكون مفيدة جداً كوسيلة لتأكيد المعلومات التي يتم الحصول عليها من مصادر أولية. ومهما كانت المصادر التي تستخدمها لإجراء بحث يتعلق بخلفية قصة إخبارية فإن العنصر الحاسم الأهمية هو أن تأخذ صحة أو مصداقية المصدر بعين الاعتبار. ويمكن لأي شخص في هذه الأيام أن يصمم موقعا إلكترونيا يبدو وكأنه موقع محترف، أو يرتب لإرسال رسالة إلكترونية تبدو أصلية ولكنها تكون في الحقيقة خدعة. فمجرد وجود الأشياء على الإنترنت لا يعني أنها صحيحة. ويتعين على الصحفيين التحقق من مصدر جميع المعلومات لكي يقرروا ما إذا كانت جديرة بالثقة إلى درجة كافية لاستخدامها في قصة إخبارية. ويشكل اختيار المصادر التي سيستخدمها الصحفي جزءا كبيرا من مهمته. وفيما يلي بعض الأسئلة المفيدة لتقييم ما إذا كنت قد اخترت المصدر الصحيح أو أفضل مصدر لقصتك الإخبارية.
كيف يعرف هذا المصدر ما يعرفه؟ (هل هذا الشخص في موقع، شخصي أو مهني، يتيح له معرفة هذه الأمور؟)
كيف يمكنني أن أتحقق من صحة هذه المعلومات عن طريق مصادر أخرى أو عن طريق الاستعانة بوثائق؟
هل تمثل وجهة نظر مصدري وجهة نظر فئة كبيرة؟ (هل هذا مجرد شخص يشكو بصوت عال ضد مالك منزله بسبب وجود مشكلة شخصية بينهما؟ أم أن هذا هو صوت يجيد التعبير ويتحدث باسم مجموعة كاملة من المستأجرين الذين يواجهون مشاكل خطيرة ومشروعة؟)
هل كان هذا المصدر جديراً بالثقة ومتصفاًً بالمصداقية في الماضي؟
هل أستخدم هذا المصدر لأنه سبيل سهل لطلب المعلومات أو لأنني أعرف أنني سأحصل على شيء ما يمكنني استخدامه؟
" ما هو دافع المصدر لتقديم المعلومات؟ (هل يحاول هذا الشخص إظهار نفسه بصورة جيدة أو إظهار رئيسه بصورة سيئة؟؟ لماذا قرر/قررت أن يتحدث معي أساسا؟)
وعندما تكتشف مصدرا مفيدا للمعلومات لقصة إخبارية يجدر بك البقاء على اتصال به على المدى الطويل. واجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن كيفية الاتصال بكل مصدر، ولا تكتفي بمجرد عنوان المكتب ورقم التليفون، بل أطلب أيضاً رقم التلفون النقال (المحمول) ورقم تليفون المنزل، بالإضافة إلى العنوان الإلكتروني. والصحفيون الجيدون يتصلون بمصادرهم بشكل منتظم، ويسألونهم عما إذا كان هناك ما يثير الاهتمام. وسهّل على المصادر طريقة الاتصال بك أيضا بإعطاء بطاقتك الشخصية لكل شخص تقابله أثناء تغطية القصة الإخبارية. ويمكن أن يكون أي شخص يستطيع الحصول على المعلومات، بمن في ذلك السكرتيرات والكتبة، مصدراً مفيداً للصحفي. إذ يمكنهم تقديم نسخ عن الوثائق، كما أنهم يعرفون عادة اسم الشخص الأكثر اطلاعاً على موضوع معين. والصحفي الذي يعاملهم باحترام قد يجد أن طلبه/طلبها مقابلة مع مدير السكرتيرة سيحظى بالموافقة عليه بشكل أسرع
المقابلات
تقول الصحفية الأميركية كريستين غيلغر إن "إجراء المقابلات بمهارة هو أساس كل تغطية وكتابة صحفية جيدة". وتعرّف المقابلة بأنها المعلومات أو الرأي أو الخبرة التي يتشاطرها المصدر في محادثة مع الصحفي. وما يجعل المقابلة مختلفة قليلا عن الحديث العادي هو أن الصحفي يحدد اتجاه الأسئلة. والحصول على مقابلة ليس سهلاً دائما. فقد لا يرغب الناس في التحدث مع صحفي، خاصة إذا كانت القصة الإخبارية مثيرة للجدل. وعند التعامل مع المسؤولين الحكوميين ابدأ من الافتراض بأن للجمهور الحق في معرفة ما يفعله المسؤولون. وقد وجد الصحفيون المتمرسون أن بإمكانهم إقناع حتى أكثر المسؤولين ترددا بالموافقة على المقابلة عن طريق توقع الأعذار والعقبات التي قد يستخدمونها.
ليس لديهم الوقت الكافي.يستطيع الصحفي أن يعرض الالتقاء مع الشخص الذي يريد إجراء حديث معه في أكثر الأوقات أو الأماكن مناسبة لذلك الشخص. كما أن تحديد الفترة الزمنية المطلوبة قد يساعد في إقناعه.
إنهم خائفون لأنهم يعتقدون بأن القصة الإخبارية ستجعلهم يظهرون بصورة سيئة.معاملة الناس باحترام وتحديد سبب رغبتك في التحدث إليهم ستخفف قلق المصادر.
إنهم لا يعرفون ماذا يقولون.على الصحفيين أن يكونوا واضحين حول سبب احتياج القصة الإخبارية إلى وجهة نظر شخص معين.
من الصعب الاتصال بهم.يتعين على الصحفيين في كثير من الأحيان أن يتصلوا بالشخص الذي يرغبون في إجراء مقابلة معه عبر السكرتيرة أو مسؤول العلاقات العامة. وإذا خامرهم الشعور بأن المساعدين لم يحولوا طلبهم إلى المسؤول، يعمد بعض الصحفيين إلى كتابة رسالة إلى المصدر نفسه أو الاتصال به خلال فترة الغداء أو بعد ساعات العمل في محاولة للوصول إليه.
يتعين على الصحفيين في كثير من الأحيان أن يتصلوا بالشخص الذي يرغبون في إجراء مقابلة معه عبر السكرتيرة أو مسؤول العلاقات العامة. وإذا خامرهم الشعور بأن المساعدين لم يحولوا طلبهم إلى المسؤول، يعمد بعض الصحفيين إلى كتابة رسالة إلى المصدر نفسه أو الاتصال به خلال فترة الغداء أو بعد ساعات العمل في محاولة للوصول إليه. وبعد أن تحصل على الموافقة على المقابلة وتجري البحث الضروري عن الشخص والموضوع، يبقى هناك المزيد من التحضير الضروري. ويضع معظم الصحفيين قائمة بالأسئلة أو الموضوعات التي يريدون إثارتها ويأخذونها معهم ولكنهم لا يقرأون منها أثناء المقابلة. ولا يرجعون إلى القائمة إلا عند قرب انتهاء المقابلة ليتأكدوا من أنهم لم ينسوا شيئا هاما. كما تشتمل القائمة على معلومات أخرى أو وثائق أو صور يرغبون في الحصول عليها من ذلك المصدر. والأسئلة هي الجزء الأهم من المقابلة. فهي الدفة التي تدفع سفينة الحديث في الاتجاه الصحيح. ويمكن للأسئلة الجيدة أن تكافئك بأجوبة غير متوقعة ومعلومات وافرة ومفاجآت. أما الأسئلة السيئة فيمكن أن تترك في نفسك تساؤلات عن سبب إضاعتك الوقت بالتحدث مع ذلك الشخص. والأسئلة المحددة للغاية قد تقودك في الطريق الخطأ. والسؤال الأول في المقابلة مهم لأنه يحدد مسار ما سيليه. ويفضل صحفيون كثيرون بدء المقابلة بسؤال "يلطّف الجو" ويبعث الراحة في نفس المصدر، لأنه سؤال لا تقلقهم الإجابة عنه. وفي الحقيقة أنه قد لا يكون لهذا السؤال أي علاقة بسبب وجودك هناك. ولكنه كثيرا ما يساعد على تثبيت مصداقيتك لدى المصدر، وهذا بدوره يمكن أن يقيم إحساسا بالثقة والصراحة. وتكون أفضل الأسئلة في معظم الأحيان أسئلة مفتوحة لا يمكن الإجابة عليها بنعم أو لا. كما أنها لا تحكم على الموضوع، من حيث أنها لا تحدد وجهة نظر الصحفي. وهي الفرق بين أن تسأل "ما رأيك في ذلك؟" و"ما الذي دفعك إلى ذلك!". ومع أنه من المهم توجيه أسئلة جيدة فإنه من المهم أيضا أن تلتزم الهدوء وتدع المتحاور يتحدث. والصحفيون الجيدون مستمعون جيدون، وكثيرا ما يطلعون على أهم المعلومات أثناء صمتهم. وما تسمعه قد يؤدي أيضا إلى أسئلة إضافية قد لا تكون قد خطرت على بالك. ويروي روبرت سيغيل الذي يعمل في هيئة الإذاعة القومية الأميركية في واشنطن العاصمة حكاية عن مقابلة أجراها مع دبلوماسي تركي بعد أن أطلق مواطن تركي النار على البابا يوحنا بولس الثاني في روما وأصابه بجراح. وكان أول سؤال سأله هو "هل تعرف أي تفاصيل تتعلق بهذا الرجل محمد علي آغا، أين عاش في إيطاليا، وما الذي كان يفعله هناك وما هو نوع التأشيرة التي منحها الإيطاليون له؟ وكانت الإجابة عن جميع هذه الأسئلة كلمة واحدة هي كلا. وبعد عدة محاولات أخرى صمت سيغيل قليلا بعد أن كاد ييأس من الحصول على أي معلومات. إلا أن الدبلوماسي خرق الصمت بقوله"... غير أنه أشهر مجرم مدان في تركيا، وقد فر من السجن بعد أن اغتال محرر إحدى صحفنا الكبرى". ويقول سيغيل إنه كاد أن يفقد قصة إخبارية جيدة حين سأل أسئلة محددة جدا. ويقرّ بأن الطريقة الأفضل لبدء المقابلة ربما كانت بالقول "حدثني عن هذا الرجل". ويمكن للصحفيين إجراء المقابلات إما شخصيا أو عن طريق التليفون أو عن طريق الرسائل الإلكترونية أو الرسائل الفورية. ولكل طريقة حسنات وسيئات. فالمقابلة الشخصية تتيح للصحفي تكوين فكرة أكثر تكاملاًً عن الشخص. ما هي الصور المعلقة على الجدار؟ هل مكتبه مرتب أم أن الأوراق مبعثرة فوقه دون ترتيب؟ ما نوع الكتب الموجودة في خزانة الكتب؟ كما أن اللقاء الشخصي يعطي الصحفي القدرة على الحكم على مصداقية المصدر استنادا إلى تصرفاته. هل يبدو عصبي المزاج أم مرتاحا؟ هل هي مستعدة للنظر صراحة إلى الصحفي أم أنها تشيح ببصرها عنه؟ ويروي كريستوفر (تشيب) سكانلان، مدير ورش العمل المتعلقة بالكتابة لمعهد بوينتر، وهو كلية للصحافة في الولايات المتحدة، ما حدث في مقابلة أجراها مع سيدة فقدت زوجها بعد إصابته بمرض السرطان. فقد أخذته السيدة في جولة في المنزل وقالت له في غرفة النوم "في كل ليلة أضع قطرات من كولونيا (زوجي) على الوسادة، لكي أعتقد أنه ما زال معي". إنها تفاصيل يستطيع القارئ أن يشمها ويشعر بها، وهي معلومات لم يكن سكانلان سيحصل عليها إطلاقاً لو أجرى المقابلة عبر الهاتف أو الإنترنت. أما المقابلات التليفونية فتتطلب قدرا أقل من الوقت، ويجد بعض الصحفيين أنه من الأسهل عليهم تدوين ملاحظات جيدة حين لا يضطرون إلى التركيز على النظر إلى المصدر. ويمكنهم حتى طبع ملاحظاتهم على الكمبيوتر. والمقابلات من خلال البريد الإلكتروني مفيدة للوصول إلى الأشخاص الموجودين في أماكن بعيدة، ولكن الصحفي لا يستطيع أن يصغي لما يقال وطرح سؤال متابعة "فورا". أما الرسائل الفورية عن طريق الإنترنت فهي مشابهة جداً للمقابلة عبر الهاتف. إلا أن هاتين الطريقتين عبر الإنترنت تثيران تساؤلاً حول ما إذا كان الشخص الذي يبدو أنه مصدر الإجابات هو الذي أرسلها بالفعل. ونتيجة لهذه الهواجس وضعت جريدة فرجينيان - بايلوت في نورفوك، بولاية فرجينيا، هذه السياسة التي يعتمدها قسم الأنباء فيما يتعلق بالتغطية الإخبارية الإلكترونية: "عندما نستشهد بقول حصلنا عليه من اتصالات إلكترونية، سنتأكد من أن الاتصال والرأي حقيقيين، نظراً لكونه من السهل تزييف عناوين عائدة على الإنترنت أو دخول شخص إلى الشبكة منتحلاً شخصية شخص آخر. فالإنترنت لا تخضع للضبط كوكالات الأنباء (مثل رويترز والأسوشييتدبرس)؛ ويمكن للخداع أن يصدر من أي مكان". ويتعين على الصحفيين الذين يستخدمون البريد الإلكتروني أو أي شكل من أشكال الاتصالات الإلكترونية أن يتبعوا المعايير المهنية نفسها التي يتبعونها في الأحوال الأخرى. يتعين عليهم أن يعرّفوا على أنفسهم كصحفيين وأن يذكروا المعلومات التي يسعون للحصول عليها وسبب ذلك. ومن الضروري أن يستخدموا نفس مهارات التثبت من صحة المعلومات ومهارات شحذ الذهن والفطنة التي يستخدمونها لدى تعاملهم مع أي مصدر معلومات آخر. ومهما كانت الوسيلة التي يعتمدها الصحفيون لإجراء المقابلة فإنهم يحتفظون عادة ببعض الأسئلة لطرحها قرب نهايتها. أولا، قد يوجزون المحادثة للتأكد من أنهم لم يخطئوا في سماع أي شيء ورد فيها. ثم يسألون عما إذا كان لدى الشخص الذي يجرون معه المقابلة أي شيء يرغب في إضافته. كما أنهم يسألون عن أفضل الطرق للاتصال مجدداً بالشخص، خاصة بعد ساعات الدوام في العمل ويشكرون الشخص على منحهم فرصة مقابلته/مقابلتها. ويطرح الكثير من الصحفيين سؤالاً أخيراً في كل مقابلة هو "هل من آخرين تعتقد أنه ينبغي علي التحدث إليهم حول هذا؟"
القواعد الأساسية للمقابلات
تجرى معظم المقابلات "للنشر"، أي أن باستطاعة الصحفي أن يستخدم أي شيء يقال وأن يعزوه مباشرة إلى الشخص الذي يتحدث معه. ومن المهم التأكد من أن المصدر يعلم هذا، خاصة عندما يتعامل الصحفي مع أشخاص عاديين غير معتادين على أن تنقل أقوالهم في الجريدة أو على الهواء. وإذا لم تكن المعلومات للنشر، فيتعين على الصحفي والمصدر أن يتفقا مقدما على الشروط التي يسمح بموجبها باستخدام المعلومات. والمقابلة التي تجرى على أساس "عدم عزوها إلى المصدر" تعني بشكل عام أنه يمكن استخدام المعلومات في التقرير الإخباري ويمكن حتى الاستشهاد بعبارات المصدر مباشرة وعزوها إلى مصدر، دون ذكر اسمه أو اسمها. إلا أنه يسمح بالتعريف بالمصدر بشكل عام، فمثلا يمكن القول "مسؤول في وزارة الخارجية" أو "مهندس في الشركة" - طالما أن المصدر والصحفي متفقان على الوصف المستخدم. وقد وضعت مؤسسات صحفية كثيرة سياسات مكتوبة فيما يتعلق باستخدام مصادر دون ذكر الاسم. وتقول صحيفة النيويورك تايمز، مثلا، "إن استخدام المصادر المجهولة الاسم يجب أن يقتصر على الحالات التي لا يمكن فيها للصحيفة أن تنشر معلومات تعتبرها موثوقة وجديرة بالنشر بدون استخدامها. وعندما نستخدم مثل هذه المصادر نتقبل الالتزام ليس فقط بواجب إقناع القارئ بكون المصادر جديرة بالثقة وإنما أيضاً بنقل ما نتمكن من معرفته عن دوافعها إلى القراء". ويجب على الصحفيين أن لا يتسرعوا في الموافقة على التحدث مع المصدر على أساس استخدام المعلومات دون ذكر اسم المصدر لأن المصادر تحاول أحيانا أن تستخدم ذلك كتغطية لتهجم شخصي أو حزبي، وذلك لعلمهم بأنه لا يمكن تعقب التصريحات ومعرفة كونهم مصدرها. كما أن استخدام مصدر بدون اسم يجعل من الأصعب على الجمهور تقييم مصداقية المعلومات. ولكن الصحفيين يضطرون في بعض الأحيان إلى الحصول على معلومات دون ذكر اسم المصدر لأنها الطريقة الوحيدة التي يوافق فيها المصدر على التحدث. فالمصدر التي تخشى على سلامتها إذا علم آخرون أنها تحدثت مع صحفي قد لا توافق على تقديم المعلومات إلا على أساس عدم ذكر اسم المصدر. وفيما يلي بعض الإرشادات التي يمكن الاهتداء بها لتقرير قبول الحصول على معلومات واستخدامها دون ذكر اسم المصدر أم لا:
القصة الإخبارية تعالج موضوعاً بالغ الأهمية للشعب.
ليست هناك أي طريقة أخرى للحصول على المعلومات مع ذكر اسم المصدر.
المصدر في موضع يتيح له معرفة الحقيقة.
أن تكون مستعدا لأن توضح (في قصتك الإخبارية) سبب عدم تمكن المصدر من الإفصاح عن اسمه.
يتحدث المسؤولون الحكوميون في بعض العواصم مع الصحفيين على أساس عدم عزو الخبر إلى مصدر معين بالاسم بل إلى مصدر مسؤول أو على أساس عدم ذكر أي مصدر، مما يعني في هذه الحالة الثانية أنه يمكن استخدام المعلومات إلا أنه لا يجوز الاستشهاد بعبارات محددة ولا يجوز حتى التعريف بالمصدر دون ذكر اسمه. ويمكن للصحفي أن يقول فقط إن المسؤولين يعتقدون بشيء ما أو آخر. أما المعلومات التي تقدّم على أساس أنها "ليست للنشر" فلا يجوز استخدامها على الإطلاق، لذا فإن معظم الصحفيين سيقاومون هذا الترتيب ما لم يكن المصدر مهما جدا بالنسبة للقصة الإخبارية بحيث لا يكون أمامهم أي خيار آخر. ولا يجوز حتى ذكر هذه المعلومات غير القابلة للنشر أمام مصدر آخر، ولكنها قد تنبه الصحفيين إلى نبأ يستحق المتابعة. ومهما كان الترتيب، فإن مهمة التأكد من أن الجانبين يدركان ويوافقان على القواعد الأساسية قبل إجراء المقابلة تقع على عاتق الصحفي. وتحاول المصادر أحيانا تغيير القواعد في منتصف الطريق بإبلاغ الصحفي شيئا مهما ثم يضيفون "ولكن لا يمكنك استخدام هذا بطبيعة الحال". ولهذا السبب فإنه من المفضل توضيح الأمور من البداية وعدم الموافقة على الامتناع عن نشر أي معلومات إلا بعد التوصل إلى اتفاق منفصل بشأنها قبل مواصلة المقابلة. كما يجب أن يوضح الصحفيون الحد الذي سيذهبون إليه لحماية هوية مصدرهم. وقد يعرض الصحفيون أنفسهم في بعض الدول لخطر زجهم في السجن إن هم امتنعوا عن كشف معلومات تتعلق بمصدرهم السري في محكمة قانونية. وإذا لم يكن الصحفي مستعدا لمواجهة السجن لحماية مصدر ما فيجب عليه أو عليها أن يقولا ذلك. ويتمتع بعض الصحفيين بمقدرة في تحويل المعلومات غير القابلة للنشر إلى معلومات قابلة للنشر. وإريك نالدر واحد من هؤلاء الصحفيين. وعندما تنتهي المقابلة غير القابلة للنشر يعيد قراءة اقتباس غير ضار منها ثم يسأل " لماذا لا تقول ذلك للنشر؟" وعندما يوافق المصدر على ذلك فإنه يعود إلى ملاحظاته المكتوبة ويعيد قراءة أقوال أو مقاطع منها ويحصل على الموافقة على استخدامها. وقال إنه تمكن ذات مرة من تغيير مقابلة كاملة من مادة غير قابلة للنشر إلى مادة قابلة للنشر. ويعود ذلك جزئيا إلى أن المصدر أصبح يثق في دقته لأنه سمع أقواله التي سيتم الاستشهاد بها تقرأ له من جديد. ومن القواعد الأساسية الأخرى المهمة التي يجب أن يفهمها الصحفيون هي معنى "الحظر" المفروض على المعلومات التي يقدّمها المصدر. وهذا يعني أن المعلومات مقدّمة بشرط أن لا تستخدم إلا في موعد معين. وقد تقوم وكالة حكومية في سياق إعلانها عن سياسة جديدة بتقديم ملخص مكتوب قبل عدة ساعات أو حتى قبل يوم كامل من إعلانها. وهذا يتيح للصحفيين الوقت لاستيعاب المعلومات قبل المؤتمر الصحفي الذي تكتسب فيه تلك السياسة صفتها الرسمية. والصحفيون الذين يقبلون المعلومات التي يفرض عليها الحظر ملزمون بالتقيد بذلك ما لم يعلن الخبر قبل الموعد المحدد.
الدقة في نقل الأخبار
إن المصداقية هي أهم رصيد يملكه الصحفي، والدقة هي أفضل طريقة لحماية ذلك الرصيد. وللتأكد من توخي الدقة يجب على الصحفيين أن يتحققوا وأن يعيدوا التحقق من صحة جميع المعلومات التي يجمعونها للقصة الإخبارية. ويستحيل ألا يرتكب الصحفيون أي أخطاء، إلا أنه يجب أن تكون الأخطاء نادرة. وعندما درست جريدة أميركية هي الأوريغونيان التي تصدر في بورتلاند أخطاءها خلص محرروها إلى أن تلك الأخطاء حدثت أساسا لثلاثة أسباب:
الاعتماد في العمل على الذاكرة.
اعتماد افتراضات.
التعامل مع مصادر ثانوية.
سوف نسهب في التحدث عن الدقة في تقديم الخبر الصحيح في الفصل 4 ("التحرير"). ولكن الصحفيين هم خط الدفاع الأول ضد الأخطاء في المؤسسة الصحفية. والصحفيون الذين يدونون ملاحظات ممتازة ويراجعونها على الدوام، والذين يبحثون عن مصادر أولية حينما يكون ذلك ممكنا يكونون أقدر على التقيد بقواعد الصحافة الثلاث التي حددها الناشر الأميركي الراحل جوزيف بيولتزر: "الدقة والدقة ثم الدقة
MMMMMMMMMMMMMMMMMMMMM
ما هي الأخبار؟
ما هي الأخبار؟ قد يبدو الجواب على السؤال "ما هي الأخبار" واضحا. الأخبار هي ما هو جديد، وهي ما يحدث. وعندما يراجع المرء القاموس يجد أنه يعرف الأخبار على أنها "تقرير عن أحداث جديدة أو معلومات لم تكن معروفة سابقا". ولكن معظم الأشياء التي تحدث في العالم يومياً لا تجد طريقها إلى جريدة أو تبث في نشرة على الهواء
فما الذي يجعل خبراً ما، إذن، مهماً بما فيه الكفاية بحيث يصبح جديراً بالنشر أو الإذاعة؟ الجواب الحقيقي هو من ذلك يتوقف على طائفة من العوامل. ويمكن القول بشكل عام إن الأخبار معلومات مهمة بالنسبة لجمهورها المقصود، ولذا فإن ما قد يشكل نبأ هاماً في بوينس آيرس قد لا يعتبر نبأ في بيروت. ويقرر الصحفيون الأخبار التي سيغطونها استنادا إلى كثير من "المعايير الإخبارية" التالية: عامل الزمن هل وقع الأمر مؤخراًً أو وصلتنا المعلومات عنه للتو؟ إن كان الأمر كذلك، فقد يجعله ذلك جديرا بالنشر أو البث. ويختلف معنى "مؤخراًً"، باختلاف وسيلة الإعلام، بطبيعة الحال. فبالنسبة لمجلة أخبار أسبوعية، قد يعتبر كل ما يقع بعد صدور العدد السابق في الأسبوع السابق نبأ جديدا. أما بالنسبة لقناة أخبار كبلية تبث على مدى 24 ساعة يوميا فقد تكون أكثر الأخبار المناسبة زمنيا هي "الأخبار العاجلة التي ما زالت تتطور"، أي الأمر الذي يحدث في هذه اللحظة بالذات ويمكن لمراسل موجود في مكان وقوع الحدث تقديم تغطية حية ه.التأثير هل يتأثر عدد كبير من الناس أم قلة منهم فقط بالحدث؟ سيكون لتلوث شبكة المياه التي تخدم سكان بلدتك البالغ عددهم 20 ألف شخص تأثير لأن ذلك يؤثر على جمهورك بشكل مباشر. كما سيكون لنبأ مقتل عشرة أطفال نتيجة شرب ماء ملوث في مخيم صيفي في مدينة بعيدة تأثير أيضا، لأن الجمهور سيتجاوب على الأرجح عاطفيا مع النبأ. أما كون أحد العمال قد قطع خط الكهرباء فليس خبرا مهما، ما لم يسبب ذلك انقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات في المدينة بأكملها. القرب هل حدث الأمر قرب البلد أو تعلق بأشخاص من هنا؟ إن سقوط طائرة في تشاد سيحتل العناوين الرئيسية في نجامينا، ولكن من غير المحتمل أن يتصدر الأنباء في تشيلي ما لم تكن الطائرة تقل ركابا تشيليين.الخلاف هل يختلف الناس في الرأي حول هذا؟ إن من الطبيعة البشرية أن يهتم الناس بالأخبار التي تثير صراعاًً أو تضارباً في الآراء أو توتراً أو نقاشاً عاما. فالناس يحبون عادة الانحياز إلى جانب رأي أو آخر ومعرفة الموقف الذي سيسود. ولا يعني الصراع دائما انقساماً في وجهات النظر. فالأنباء المتعلقة بأطباء يقاومون مرضا أو مواطنين يعارضون قانوناً جائراً لدور هي أيضاً حول مصارعتهم لذلك.البروز والشهرة هل يتعلق الأمر بشخص مرموق؟ فقد تصبح النشاطات أو الهفوات المؤسفة العادية أخبارا إذا تعلق الأمر بشخصية مشهورة كرئيس وزراء أو نجم سينمائي. وحادث سقوط الطائرة في تشاد سيتصدر الأنباء حول العالم إذا كان أحد الركاب من نجوم موسيقى الروك المشهورين. التداول والانتشار هل يشكل الأمر موضوع حديث يتناقله الناس؟ قد لا يثير اجتماع للحكومة حول مأمونية الأوتوبيسات اهتماماً كبيرا، ما لم يصادف تحديد موعد ذلك الاجتماع بعد وقت قصير من وقوع حادث أوتوبيس مروع. وقد يبقى حادث وقع خلال مباراة لكرة القدم في نشرات الأخبار لعدة أيام لأنه الموضوع الرئيسي الذي تدور حوله أحاديث الناس في المدينة.الغرابة هل إن ما حدث شيء غير عادي؟ وكما يقال عادة "إذا عض كلب رجلا فذلك ليس خبرا. ولكن إذا عض رجل كلبا فذلك خبر!". فالأشياء الغريبة وغير المتوقعة تجذب اهتمامنا وتثير فضولنا الطبيعي.كما أن ما يعتبر خبرا يتوقف على تركيبة الجمهور المقصود، ليس فقط أين يعيش الناس بل من هم. فللفئات المختلفة في المجتمع أساليب حياة واهتمامات مختلفة، مما يثير اهتمامهم بأنواع معينة من الأخبار. فبرنامج الأخبار الإذاعي الذي يستهدف مستمعين صغارا في السن قد يشتمل على أنباء تتعلق بنجوم الموسيقى أو الرياضة التي قد لا تغطيها صحيفة اقتصادية تستهدف قراء أكبر سنا وأكثر ثراء. والمجلة الأسبوعية التي تغطي الأخبار الطبية ستنشر تقريرا عن اختبار عقار تجريبي لأنه يفترض أن النبأ سيثير اهتمام الأطباء الذين يشكلون قراء المجلة. ولكن معظم الصحف المحلية الموجهة للجمهور العام ستتجاهل ذلك النبأ ما لم يكن من المعتقد أن العقار سيؤدي إلى الشفاء من مرض معروف. وقد يكون هناك استثناء لذلك إذا كانت الصحيفة تصدر في المجتمع المحلي الذي تجري فيه الأبحاث المتعلقة بالعقار. وتعتبر المؤسسات الصحفية عملها خدمة عامة، ولذا فإن الأخبار تتألف من معلومات يحتاج الناس إلى معرفتها لكي يواصلوا حياتهم اليومية وليكونوا مواطنين بنائين في مجتمع ديمقراطي. إلا أن معظم المؤسسات الصحفية هي أيضا مؤسسات تجارية يجب أن تحقق ربحا لكي يستمر وجودها، ولذا فإن الأخبار تشتمل أيضا على مواد تسترعي انتباه الجمهور: أخبار قد يرغب الناس في معرفتها لمجرد أنها مشوقة. وهاتان السمتان ليستا متناقضتين بالضرورة. فبعض أفضل الأنباء في أي يوم هي في الحقيقة أنباء مهمة ومشوقة في نفس الوقت. ولكن المألوف إلى حد ما هو أن تصنف المؤسسات الصحفية أخبارها في تصنيفين رئيسيين: الأخبار الأساسية المباشرة والأخبار الخفيفة المعروفة أيضا بالمقالات أو المواضيع الخاصة.....أنواع الأخبارالأخبار الأساسية هي في الأساس أخبار اليوم. وهي ما تراه في الصفحة الأولى للجريدة أو في أعلى صفحة الشبكة الإلكترونية، وما تسمعه في بداية التقرير الإخباري الإذاعي أو التلفزيوني. فمثلا، الحرب والسياسة والأعمال والجريمة من مواضيع الأخبار الأساسية المتكررة. والإضراب الذي يعلنه اليوم سائقو الأوتوبيسات في المدينة والذي يترك آلاف الركاب بدون وسائل نقل للوصول إلى أماكن عملهم خبر أساسي. وهو خبر تنطبق عليه مواصفات الأهمية من حيث عامل الزمن وإثارة الجدل ومن حيث تأثيره الكبير وقرب الحدث من مكان وجود القراء أو المستمعين. ويحتاج المجتمع إلى المعلومات المتعلقة به في الحال لأنه يؤثر على حياة السكان اليومية.وفي المقابل فإن نبأ يتعلق ببطل رياضي عالمي الشهرة نشأ في ملجأ للأيتام هو نبأ ينطبق عليه تعريف الأخبار الخفيفة. وهو نبأ يشبع فضول الناس ويتعلق بشخص مرموق كما أنه نبأ غير عادي من المرجح أن يتحدث عنه الناس مع أصدقائهم، إلا أنه لا يوجد سبب ملح لنشره أو إذاعته في أي يوم معين. وهذا يجعله من مواضيع الأنباء الخاصة. ولدى الكثير من الصحف ومواقع الأخبار على شبكة الحاسوب أقسام منفصلة لمواضيع الأنباء الخاصة المتعلقة بأسلوب الحياة والمنزل والأسرة والفنون والترفيه. وقد تصدر الصحف الكبرى ملاحق أسبوعية لأنواع خاصة من المقالات الصحفية المتعلقة بالطعام والصحة والتعليم، وما إلى ذلك. ولا يشكل الموضوع الأمر الوحيد الذي يميز الأخبار الأساسية عن المقالات الصحفية الخاصة. ففي معظم الحالات تكتب الأخبار الأساسية والمقالات أو المواضيع الخاصة بأسلوبين مختلفين. فالأخبار الأساسية تكتب عادة بحيث يحصل الجمهور على أهم المعلومات بأسرع ما يمكن. أما كتّاب المقالات الصحفية الخاصة فغالباً ما يبدأون الموضوع برواية حدث أو مثال يهدف أساسا إلى جذب اهتمام الجمهور، مما يعني أن الكاتب قد يصرف وقتاً أطول قبل التطرق إلى النقطة الأساسية.وتجمع بعض الأخبار بين هذين الأسلوبين. والأخبار التي لا تتأثر بعامل الزمن ولكنها تركز على قضايا هامة تعرف عادة بـ "المقالات الصحفية الإخبارية". فالخبر المتعلق بنضال مجتمع ما لمواجهة مرض الإيدز والعيش في ظله - مثلا- هو مقال صحفي إخباري. أما الخبر المتعلق بعلاج جديد لمرضى الإيدز فهو خبر أساسي. والمقالات الصحفية الإخبارية وسيلة فعالة لاستكشاف الاتجاهات أو المشاكل الاجتماعية المعقدة عن طريق رواية أنباء إنسانية فردية عن كيفية تأثر الناس بها والتعايش معها. (سنبحث هذه الأساليب المختلفة في الكتابة بمزيد من التفصيل في الفصل 3 "تقديم الخبر"). .....من أين تنبع الأخبار؟
يجد الصحفيون الأخبار في أماكن كثيرة مختلفة، ولكن معظم الأخبار تنشأ عن واحدة من ثلاث طرق أساسية: الأحداث التي تحدث بصورة طبيعية كالكوارث والحوادث.
الأنشطة المخططة كالاجتماعات والمؤتمرات الصحفية.
مبادرات وجهود الصحفيين.
كثيرا ما تصبح الأحداث غير المخطط لها أخبارا رئيسية. فغرق عبّارة أو سقوط طائرة أو وقوع إعصار تسونامي أو انزلاق أرضي يصبح خبرا هاما ليس فقط وقت حدوثه ولكن لعدة أيام وأسابيع بعد ذلك في كثير من الأحيان. ويتوقف نطاق التغطية جزئيا على قرب مكان وقوع الحادث والمتأثرين به. فوقوع حادث سيارة في باريس تنجم عنه وفيات قد لا يكون خبرا هاما في أي يوم، ولكن حادث سيارة في باريس في العام 1997 كان خبرا هاما جدا ليس في فرنسا وحسب بل وفي سائر أنحاء العالم أيضاً لأن الأميرة البريطانية ديانا كانت بين ضحاياه. والمواطنون الذين يشاهدون كارثة ما كثيرا ما يتصلون بمنظمة إخبارية. ويعلم الصحفيون أيضا بهذه الأحداث من المستجيبين الأوائل من عمال النجدة: قوات الشرطة ورجال الإطفاء والمسؤولون عن الإغاثة والإنقاذ. ويمكن للمنظمات الإخبارية في بعض الدول مراقبة الاتصالات المتعلقة بحالات الطوارئ بين المستجيبين الأوائل من عمال الإنقاذ والنجدة وإرسال صحفيين إلى مواقع الأحداث بسرعة لكي يتابعوا التطورات بأنفسهم. وأكثر مصادر الأخبار وضوحاً في كثير من مكاتب التحرير هو الجدول اليومي للأحداث في المدينة، الذي يتضمن اجتماعات الحكومة وافتتاح الأماكن التجارية ونشاطات المجتمع المحلي. وفي حين أن قائمة النشاطات هذه التي تدعى في الكثير من الأحيان "الكتاب اليومي" ليست أنباء جديرة بالنشر بصورة أوتوماتيكية، إلا أنها توفر نقطة بداية جيدة ينطلق منها الصحفيون الباحثون عن الأخبار. ويقول الصحفيون الذين يتابعون تغطية أنواع معينة من القضايا أو المؤسسات، والمعروفون أيضا بالصحفيين المتخصصين بمجالات معينة، إنهم كثيرا ما يحصلون على الأفكار لتغطية خبر ما من خلال إلقاء نظرة على جداول الاجتماعات المقبلة. ويمكن للبيانات الصحفية أن تشكل مصدرا آخر للأخبار، ولكنها هي أيضاً ليست سوى نقطة انطلاق. وتصل إلى مكاتب التحرير عشرات البيانات الصحفية كل يوم عن طريق البريد أو الفاكس أو حتى أشرطة الفيديو عن طريق الأقمار الصناعية. ويصدر المسؤولون الحكوميون والوكالات الحكومية الكثير من هذه البيانات الصحفية، ولكن المنظمات الكبيرة الأخرى كالشركات الخاصة والمؤسسات غير الربحية تصدر هي أيضا بيانات صحفية لإطلاع وسائل الإعلام على أنشطتها وأعمالها. وفي حين أن البيان الصحفي قد يكون مشابهاً للنبأ الإخباري إلا أنه من غير المرجح أن يقدم خبراً متكاملاً من جميع النواحي نظراً لكونه صادراً عن جهة لها مصلحة شخصية بالموضوع. فقد تكون البيانات الصحفية دقيقة من ناحية صحة الحقائق التي تتضمنها، ولكنها تتضمن عادة فقط تلك الحقائق التي تقدم صورة إيجابية عن الشخص أو المنظمة المرتبطة بالبيان الصحفي. وحتى عندما يبدو البيان الصحفي جديراً بأن يصبح خبراً يتعين على الصحفي المحترف أن يتحقق أولاً من صحته، ثم يبدأ بطرح الأسئلة لتحديد الخبر الفعلي قبل أن يقرر ما إذا كان جديرا بإصداره كخبر. والأحداث المعدّة مسبقا كالمظاهرات يمكن أن تسفر عن أخبار، إلا أنه يتعين على الصحفيين أن يتوخوا الحذر لكي لا يستغلهم منظمو المظاهرات الذين يبغون عرض وجهة نظرهم فقط في ما يتعلق بالقضية. وقد أصبح السياسيون بارعين في تنظيم نشاطات و"فرص التقاط الصور" لجذب التغطية لنشاطاتهم، حتى عندما تخلو من أي قيمة إخبارية حقيقية. وهذا لا يعني أنه ينبغي على الصحفيين تجاهل هذه الأحداث، ولكنهم يحتاجون إلى جمع وتقديم مزيد من المعلومات لتغطية الخبر كاملا. ويقول معظم الصحفيين إن أفضل تقاريرهم الإخبارية تأتي نتيجة مبادراتهم وجهودهم الشخصية. وتأتي الاقتراحات المتعلقة بالأخبار أحيانا من غرباء، ممن قد يزورون مكتب التحرير أو يجرون اتصالات هاتفية أو يرسلون رسائل عبر الإنترنت للشكوى أو التعبير عن قلقهم أو اهتمامهم. وتسعى بعض المؤسسات الصحفية بنشاط للحصول على أفكار من الناس الذين يعيشون في المجتمعات التي تخدمها عن طريق توفير رقم تليفون أو عنوان إلكتروني لتقديم الاقتراحات. ويمضي الصحفيون الكثير من الوقت في إقامة علاقات مع الأشخاص الذين يمكن أن يزودوهم بالمعلومات. (سنبحث إقامة العلاقات مع المصادر في الفصل 2 "الحصول على الخبر"). وكثيرا ما يعثر الصحفيون على الخبر الذي سيدور حوله تقريرهم من مجرد الالتفات إلى ما يدور حولهم والإصغاء إلى أحاديث الناس. وقد يتحول ما تسمعه في حدث رياضي أو أثناء وقوفك في الطابور في مكتب البريد إلى موضوع إخباري. اسأل الأشخاص الذين تلتقي بهم خارج تأديتك لعملك عما يجري في حياتهم أو في أحيائهم وقد تعثر على قصة إخبارية لم يقم أي شخص آخر بتغطيتها. وهناك طريقة أخرى للعثور على الأخبار وهي السؤال عما حدث منذ آخر مرة نشر فيها خبر ما في الجريدة أو تم بثه على الهواء. وكثيرا ما تقود المتابعة إلى تطورات مفاجئة تكون أكثر أهمية من الناحية الإخبارية من النبأ الأصلي. فمثلا، قد يطلعك نبأ عن حريق في اليوم الذي يلي وقوعه على عدد الأشخاص الذين راحوا ضحيته ومدى الأضرار التي سببها. إلا أن المتابعة بعد عدة أسابيع قد تكشف أن خللا في الاتصال اللاسلكي جعل من المستحيل على رجال الإطفاء الاستجابة بسرعة كافية لإنقاذ مزيد من الأرواح. وقد تؤدي الوثائق والبيانات والسجلات العامة إلى أنباء هامة أيضا. ذلك أنه يمكن للصحفيين استخدامها للبحث عن الاتجاهات العامة أو لاكتشاف مخالفات. ويتطلب هذا النوع من العمل جهداً أكبر، ولكن النتائج تكون دائما تقريبا جديرة بذلك المجهود. ويكون الأمر أسهل بكثير بالطبع حين تكون البيانات متوفرة بالوسائل الإلكترونية، ولكن من المعروف عن الصحفيين أنهم يدخلون البيانات من سجلات الصحف إلى برامج قاعدة بيانات الحاسوب لكي يتمكنوا من البحث عن أهم المعلومات الواردة في كم هائل من الإحصاءات. فمثلا، قد تؤدي قائمة بأسماء الأشخاص الذين ضبطوا يقودون سياراتهم متجاوزين حد السرعة القصوى إلى قصة إخبارية إذا تم تصنيفها بالاسم بدلا من التاريخ. وقد كانت هذه هي الطريقة التي تمكنت من خلالها المراسلة التلفزيونية نانسي إيمونز من اكتشاف أن سائقا في مدينتها ضبط مخالفاً لقوانين السير اثنتي عشرة مرة خلال ثلاث سنوات وسبّب حادثا أدى إلى مقتل سائق آخر دون أن يفقد رخصة القيادة. وعندما حققت في الموضوع اعترف المسؤولون في مدينتها بأنهم أخفقوا في أداء واجبهم........ دور الصحفي
أصبح من الممكن بفضل التكنولوجيات الجديدة لأي شخص يملك جهاز كمبيوتر أن ينشر المعلومات على نطاق واسع أسوة بأكبر المؤسسات الصحفية. إلا أن موقع الإنترنت المصمم جيدا، مهما كان أسلوب الكتابة فيه جيداً ومهما تكرر تحديث المعلومات فيه، لا يشكل بالضرورة مصدرا موثوقا للأخبار. والحقيقة هي أن دور الصحفي أصبح الآن مهما أكثر من أي وقت مضى بعد أن أصبحنا نعيش في عالم معقد لم تعد المعلومات فيه سلعة نادرة. فالصحفي، خلافا لمروّج الدعاية أو ناشر الشائعات، يمحص المعلومات المتوفرة ويحدد ما هو مهم وموثوق منها قبل أن يمررها للجمهور. ويتعين أن تكون التقارير والقصص الإخبارية دقيقة، سواء كانت تقارير أخبار أساسية أو مقالات صحفية خاصة. ويتعين على الصحفيين لا مجرد جمع المعلومات لنقل الأخبار وحسب، وإنما أيضاً التحقق من صحتها قبل استخدامها. ويعتمد الصحفيون على المراقبة المباشرة حينما يكون ذلك ممكنا ويرجعون إلى مصادر متعددة للتأكد من موثوقية المعلومات التي يحصلون عليها. كما أنهم يقومون، إلا في حالات استثنائية نادرة، بذكر المصادر التي استقوا منها معلوماتهم لكي يتمكن الجمهور من تقييم مصداقيتها.
إلا أن الصحافة أكثر من مجرد توزيع للمعلومات المبنية على حقائق. فالدعاية قد تكون مبنية أيضا على حقائق، ولكن تلك الحقائق تقدّم بطريقة تهدف إلى التأثير على آراء الناس. وكما نوهنا سابقاً فإن المحترفين في مجال العلاقات العامة يستخدمون الحقائق أيضا، ولكنهم قد يعرضون جانباً واحداً من القضية. أما الصحفيون فيجهدون لتقديم قصة إخبارية متكاملة ومنصفة. ويجهدون لتقديم قصة دقيقة وصحيحة، تعكس الحقيقة، وليس تصورهم لها أو تصور أي شخص آخر. ومن الفروق الأخرى التي تميز الصحافة عن أشكال الإعلام الأخرى كون الصحفيين يجهدون لضمان استقلالهم عن الناس الذين يغطونهم في أخبارهم. فليس من المحتمل أن يضمّن موظف العلاقات العامة الذي يعمل في المنظمة التي يكتب هو أو هي عنها معلومات في ما يكتبه تظهر المنظمة بصورة سيئة. أما الصحفي فسيحاول تقديم صورة كاملة، حتى لو لم تكن إيجابية تماما. وليس الصحفيون مجرد أحزمة نقل لوجهات نظرهم الشخصية أو لمعلومات يقدمها آخرون. فهم يقدّمون تغطية أصلية للأخبار، ولا يخلطون بين الحقيقة والرأي أو الإشاعة، كما أنهم يتخذون قرارات تحريرية سليمة. ويقول بيل كيلير، المحرر التنفيذي لصحيفة نيويورك تايمز، إن من المسؤوليات الصحفية الرئيسية "الحكم على المعلومات". ويدين الصحفيون بولائهم الرئيسي للجمهور، وذلك خلافا لغيرهم من ناقلي المعلومات. وكما تقول صحيفة مونتريال غازيت الكندية في مدونة مبادئها للسلوك "إن أعظم رصيد تملكه أي صحيفة هو نزاهتها. واحترام تلك النزاهة يُكتسب بعد جهد جهيد ويُفقد بسهولة". وللمحافظة على تلك النزاهة يبذل الصحفيون جهودا كبيرة لتفادي تضارب المصالح، سواء كان فعليا أو متخيلا. (سنتحدث عن ذلك بمزيد من التفصيل في الفصل 7 مبادىء الأخلاق والقانون"). الموضوعية والنزاهة
تطور مفهوم الموضوعية في الصحافة منذ قرن تقريبا كرد فعل على التغطية الصحفية التي تهدف إلى الإثارة بدافع الأهواء والآراء الشخصية، وهي طريقة التغطية التي كانت شائعة في معظم صحف تلك الأيام. واستخدم تعبير "الموضوعية" أصلا لوصف نهج أو أسلوب صحفي؛ بحيث يسعى الصحفيون إلى تقديم الأخبار بطريقة موضوعية لا تعكس تحيز الصحفي نفسه أو المؤسسة التي تملك وسيلة الإعلام. ومع مرور الوقت أصبحت الموضوعية صفة مطلوبة من الصحفيين أنفسهم. وقد أخذ المحرر التنفيذي لصحيفة الواشنطن بوست الأميركية، لينارد داوني، هذا المفهوم مأخذ الجد التام حتى أنه رفض تسجيل اسمه للتصويت في الانتخابات. غير أن صحفيين كثيرين يقرون الآن بأن الموضوعية التامة مستحيلة. وقد أسقطت الجمعية الأميركية للصحفيين المحترفين في العام 1996 كلمة "موضوعية" من مدونة مبادئ السلوك الخاصة بها. فالصحفيون بشر مثلهم مثل غيرهم، وهم يهتمون بعملهم ولهم آراؤهم. والادعاء بأنهم موضوعيون كليا يوحي بعدم وجود قيم لديهم. وقد اتفق الصحفيون، عوضا عن ذلك، على أنه ينبغي عليهم أن يكونوا واعين لآرائهم الشخصية لكي يتمكنوا من ضبطها وضمان عدم تأثيرها على ما يكتبونه. وينبغي ألا يتمكن الجمهور من معرفة رأي الصحفي من خلال تقريره الإخباري. وبوسع الصحفيين، عن طريق استخدام نهج موضوعي وعلمي للتحقق من المعلومات، تقديم تقارير إخبارية لا تعكس وجهات نظرهم الشخصية. وبمعنى آخر، يتعين أن يكون التقرير الإخباري نفسه غير متحيز ونزيها. ويسعى الصحفيون أيضا لأن يكونوا نزيهين ومنصفين في تغطيتهم الإخبارية من خلال عدم تقديم تقارير إخبارية تقدم وجهة نظر جانب واحد، بل يسعون إلى معرفة الآراء المناقضة لذلك الرأي وعرضها هي أيضاً بدون التحيز لأحد الجانبين. وهم لا يكتفون بالتأكد من صحة الوقائع بل يسعون إلى معرفة وعرض الآراء المتباينة في الحالات التي تكون فيها الوقائع موضع جدل وخلاف. غير أن النزاهة والإنصاف تختلف عن التوازن. فالتوازن يوحي بأن هناك جانبين فقط لأي خبر، وهو شيء نادر، وبأنه يجب إعطاؤهما أهمية متساوية في التغطية. والصحفيون الذين يسعون لتحقيق هذا النوع من التوازن المصطنع في تقاريرهم الصحفية قد ينتجون تغطية تفتقر بشكل أساسي إلى الدقة. فمثلا، قد تتفق الأغلبية الساحقة من علماء الاقتصاد المستقلين على نتائج سياسة إنفاق معينة في حين أن أقلية صغيرة تملك رأيا مختلفا ثبت خطؤه من تجارب الماضي. وسيكون التقرير الإخباري الذي يعطي وقتا أو مساحة متساوية لوجهات نظر المجموعتين مضللا. والتحدي الذي يواجهه الصحفيون هو تغطية جميع وجهات النظر المهمة بطريقة نزيهة منصفة بالنسبة لمعنيين بالموضوع وتقدم أيضا صورة كاملة وأمينة للجمهور. ويقول الصحفي وكاتب المدونة الإلكترونية دان غيلمور إن "النزاهة والإنصاف يعنيان، من بين أمور أخرى، لاستماع لوجهات النظر المختلفة ودمجها في الصحافة. إن النزاهة والإنصاف لا يعنيان تكرار الأكاذيب أو التحريفات لتحقيق تلك المساواة الكسولة التي تقود بعض الصحفيين إلى الحصول على تصريحات مناقضة يستشهدون بها حين تكون الوقائع مؤيدة لجانب واحد بصورة لا تقبل الشك". مزودو الأخبار
يشترك الصحفيون في جميع أنحاء العالم بصفات معينة. فهم فضوليون ومثابرون. وهم يريدون معرفة سبب حدوث الأمور ولا يستسلمون بسهولة لمن يرفض الكشف عن المعلومات. كما أنهم لا يرهبون أصحاب السلطة والنفوذ ويحرصون على العمل الذي يمارسونه حرصاً شديدا. ويقول كيفين مارش، وهو محرر في هيئة الإذاعة البريطانية - راديو 4، إن الصحفي الجيد يملك "القدرة على فهم الحقائق الكبيرة والتواضع اللازم للتخلي عنها حين لا تكون الوقائع متساوقة معها." وينطوي عمل الصحفي على صعوبات وتعقيدات. وكما قال فيليب جراهام، رئيس مجلس إدارة شركة الواشنطن بوست الراحل ذات مرة "(تقع على عاتق الصحفي) المهمة المستحيلة التي لا مفر منها لأن يقدّم كل أسبوع مسودة تاريخ لن يكتمل أبدا عن عالم لا يمكننا فهمه أبدا". وتتوفر للصحفيين اليوم وسائل لتسويق نتاجهم تفوق ما كان متوفراً في أي وقت مضى، من صحف المجتمعات الصغيرة إلى قنوات الأخبار التلفزيونية التي تبث على نطاق عالمي ومواقع الأخبار على شبكة الإنترنت. وتتصف كل وسيلة من هذه الوسائل بمواطن ضعف وقوة مختلفة. ففي معظم الدول، توظف الصحف اليومية أكبر عدد من الموظفين وتقدّم مواضيع أكثر عمقا وأوسع نطاقا من وسائل الإعلام المرئي والمسموع. وقد بدأت صحف كثيرة بالتغلب على المحدودية التي كان يفرضها عليها العرف التقليدي بإصدار عدد واحد في اليوم من خلال إنشاء مواقع ويب تابعة لها على الإنترنت. ولكنها لا تصل أساساً إلا إلى جمهور مثقف وميسور، أي إلى أشخاص يستطيعون القراءة ويملكون ما يكفي من المال لشراء الجريدة أو يستطيعون استخدام جهاز كمبيوتر لقراءة الجريدة على خط مباشر على الإنترنت. ويتمتع الراديو الذي يعدّ واحدا من أكثر مصادر الأخبار استخداماً في العالم بميزة السرعة وسهولة توفير الأنباء. ويمكن للصحفيين الإذاعيين بث الأخبار على الهواء بسرعة كما يمكن لكل من يملك راديو بطارية أن يسمع الأخبار في أي مكان تقريبا وفي أي وقت. ويقدّم الصحفيون الإذاعيون الأخبار من خلال المقاطع الصوتية علاوة على الكلمات، وبذلك يشعر المستمعون بأنهم خبروا بالفعل جزءاً مما كان عليه الحدث حقا. وبما أن الأخبار تذاع عدة مرات في اليوم، فإنه يتم تحديثها بصورة متكررة. إلا أن معظم محطات الإذاعة لا توفر سوى فترة محدودة جداً من الوقت لنشرة الأخبار التي تميل عادة لأن تكون موجزا مختصرا لأبرز الأنباء، بدون التعمق والإفاضة المتوفرين في الجريدة. أما نشرات الأخبار التلفزيونية فيمكنها، باستخدام الصوت والصورة، أن تعرض على المشاهدين ما يحدث لا أن تبلغهم عنه فقط. ومن مواطن قوة التلفزيون قدرته على نقل المشاعر وتشاطر الحدث مع المشاهدين. وقد أتاح التقدم التكنولوجي - الكاميرات الأصغر حجما والمونتاج الرقمي ووصلات الاتصال المتنقلة - للتلفزيون أن يبث الأنباء بسرعة تكاد تعادل سرعة الراديو. إلا أن اعتماد هذه الوسيلة الإعلامية على الصور قد يشكل عائقا: تتفادى نشرات الأخبار التلفزيونية أحيانا تغطية الأخبار المعقدة لأنها غير مغرية من الناحية البصرية. وقد بدأت الحدود بين التصنيفات التقليدية لأخبار الصحافة المطبوعة والمرئية والمسموعة بالتداخل والتلاشي مؤخرا. وتقدّم منظمات إخبارية عديدة في الولايات المتحدة وفي غيرها من الدول الأخبار في طائفة من الوسائل الإعلامية، بما في ذلك الإنترنت. وبما أن الإنترنت قابلة للتوسع بدون حدود، فإن الأخبار المبثوثة عبرها ليست خاضعة بالضرورة لنفس قيود المساحة والوقت المفروضة على وسائل الصحافة المطبوعة والمرئية والمسموعة. ويمكن لمواقع الأخبار أن تقدّم قدراً أكبر من المعلومات وأن تحافظ على توفرها لمدة أطول. كما يمكنها أن تتيح للمستخدمين البحث عن الأخبار التي تهمهم أكثر من غيرها. وقد تبدو مواقع الأخبار على الإنترنت التابعة للصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون متشابهة جدا. فهي توضح أخبارها بالصور ويقدم العديد منها أشرطة فيديو متتابعة متدفقة باستمرار واطراد للأخبار أو نشرات أخبار كاملة. وقد تقدّم أيضا صيغة "نشرة مجمّعة" (بودكاسب)، فتنشر ملفاتها على الإنترنت بحيث يمكن للمشتركين فيها إنزال أو تحميل الملفات من الإنترنت على جهاز حاسوب أو على مسجل محمول لوسائل الإعلام لاستخدامه في وقت لاحق. ويمكنك في بعض المواقع قراءة نص الخبر بنفسك أو الإصغاء لكاتبه يتلوه عليك بصوته. وقد بدأت مؤسسات الأخبار تنشئ حتى مدونات إلكترونية خاصة بها، تعرف اختصاراً باسم بلوغز، وتتيح للصحفيين الفرصة لتدوين مفكرات على الخط عن الأخبار التي يغطونها أو القرارات التي تتخذ في مكتب التحرير. ويجد صحفيون كثيرون في عالم الأخبار المتطور هذا أنهم يحتاجون إلى مهارات إضافية لأداء العمل المتوقع منهم. وقد يتوقع من الصحفيين أن يلتقطوا صورا لاستخدامها على الإنترنت، بالإضافة إلى إجراء المقابلات مع المصادر وإعداد التقارير الإخبارية للصحيفة. وقد يطلب من المحررين أن ينشروا أخبارا على الإنترنت، بالإضافة إلى مراجعة أخبار الصحفيين وكتابة عناوين الأخبار. وقد يتعين على المصورون تصوير شريط فيديو بالإضافة إلى التقاط الصور، كما قد يتعين عليهم كتابة نصوص لشرح صورهم. وتوفر منظمات إخبارية عديدة التدريب للصحفيين الذين يقومون بأدوار جديدة في قسم الأخبار. ويقدم بعض أساتذة الصحافة الآن ما يسمونه "منهاجا دراسيا مجمّعا" لمساعدة الطلاب على تعلم مهارات متعددة قد يحتاجون إليها في المستقبل. لكن، ورغم كل هذه المتطلبات الجديدة، يبقى جوهر الصحافة الجيدة هو نفسه دون تغير. فكما قال بيل كوفاك وتوم روزينستيل في كتابهما "مبادئ الصحافة: ما يجب على الصحفيين معرفته ويجب على الناس توقعه"، هناك بعض المبادئ الواضحة التي يتفق الصحفيون في المجتمعات الديمقراطية عليها والتي يحق للمواطنين توقعها:
التزام الصحافة الأول هو إزاء الحقيقة.
ولاؤها الأول هو للمواطنين.
جوهرها هو نظام التحقق والتثبت.
على ممارسيها أن يحافظوا على استقلاليتهم عن الأشخاص الذين يغطونهم.
على الصحافة أن تلعب دور مراقب مستقل للسلطة.
يجب أن توفر منبراً للنقد العام والحلول الوسط.
يجب أن تسعى لجعل الأمور المهمة مشوقة ووثيقة الصلة بالموضوع.
يجب أن تبقي الأخبار شاملة ومتناسبة.
يجب أن يتاح لممارسيها أن يحكّموا ضميرهم الشخصي.
وتميز هذه القيم والمعايير الصحافة عن جميع أنواع الاتصال وتبادل الآراء. والتقيد بها ليس سهلا. ويواجه الصحفيون ضغوطا لتقديم تنازلات بخصوص هذه المعايير كل يوم تقريبا. ولكنّ تذكّر هذه المعايير دائما هو أفضل سبيل لضمان كون الصحافة قادرة على تأدية وظيفتها الأساسية، وهي تزويد المواطنين بالمعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات تتعلق بحياتهم
MMMMMMMMMMMMMMMMMMMMMMMد ليل الصحا فة المستقلة
المقدمة... د ليل الصحا فة المستقلة
الصحا فة مهنة ومهارة، حيث أن الصحفيين يستخدمون مهارات متخصصة ويتقيدون بمعايير مشتركة. فما الذي يجعل مهنة الصحافة مختلفة عن المهن الأخرى كالطب أو المحاماة، اللتين يمكن وصفهما بشكل مماثل؟ لعل أكبر اختلاف هو الدور الخاص الذي تلعبه وسائل الإعلام في المجتمعات الحرة.وكثيرا ما وصفت الصحافة الحرة بأنها أكسجين الديمقراطية، لأنه ليس بوسع أي منهما البقاء بدون الآخر. وقد أشار الكاتب السياسي الفرنسي أليكسيس دي توكفيل إلى ذلك عندما زار الولايات المتحدة قبل 200 سنة تقريبا، حين كتب أنه "لا يمكن وجود صحف حقيقية بدون ديمقراطية، ولا يمكن وجود ديمقراطية بدون صحف". وقد ثبتت صحة هذا العرض البسيط للأمر منذ ذلك الحين في دول في جميع أنحاء العالم. وتعتمد الديمقراطيات، الوطيدة والناشئة على حد سواء، على موافقة مواطنين مطلعين على الحكومة وسياساتها، ووسائل الإعلام هي المصدر الرئيسي للمعلومات التي يحتاج إليها الناس لكي يحكموا أنفسهم.وقد وضعت دول كثيرة آليات حماية قانونية للصحافة الحرة لضمان قدرة الصحفيين على توفير تلك المعلومات. ففي الولايات المتحدة، مثلا، نجد أن الصحافة هي المهنة الوحيدة المذكورة في الدستور الذي ينص على ما يلي: "لا يجوز للكونغرس أن يضع أي قانون ... يحدّ من حرية الكلام أو الصحافة". وكما كتب توماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة، في العام 1787 "بما أن الأساس الذي تقوم عليه حكومتنا هو رأي الشعب، فإن الهدف الأول يجب أن يكون صيانة هذا الحق، ولو أنني خيّرت بين أن تكون لدينا حكومة بدون صحف، أو صحف بدون حكومة، لما ترددت لحظة في تفضيل الخيار لأخير". ولا يتمتع الصحفيون في المجتمعات الحرة بحمايات قانونية معينة وحسب، وإنما تلقى على عاتقهم مسؤوليات أيضا. وفي حين يتم تحديد وإيضاح هذه المسؤوليات بشكل لا لبس فيه في بعض الدول، فإنها تكون مفهومة ضمناً في دول أخرى. ولكنها متماثلة في جميع الحالات تقريبا: تقع على عاتق الصحفيين، لإبقاء المواطنين مطلعين على بواطن الأمور، مسؤولية توفير المعلومات الدقيقة بطريقة نزيهة منصفة- ومستقلة - عن أي تدخل غير مشروع. وقد أصبحت وسائل الإعلام في المجتمعات الديمقراطية حول العالم تؤدي وظيفة إضافية كحراس أو حماة يراقبون نشاطات السلطتين السياسية والقضائية في الحكومة. وحافظت وسائل الإعلام على بقاء الديمقراطيات ونجاحها بإعطاء صوت لمن ليس لهم صوت، وضمان عدم تمكن الأغلبية الحاكمة من الدوس على حقوق الأقلية. وقد قال الكاتب الأميركي الساخر فينلي بيتر دان في القرن التاسع عشر إن مهمة الصحفي هي "مواساة المصاب وتعذيب المرتاح". ولكن دور الصحافة الرئيسي في المجتمعات الحرة ظل هو نفسه ولم يتغير منذ أجيال. فعندما استطلعت "لجنة الصحفيين المعنيين بشؤون المهنة" وهي مجموعة تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، آراء الصحفيين حول طبيعة مهنتهم في نهاية القرن العشرين، توصلت إلى هذه النظرة المشتركة بينهم: "الهدف الأساسي للصحافة هو تزويد المواطنين بالمعلومات الدقيقة والموثوقة التي يحتاجون إليها للعب دورهم في مجتمع حر". ويقدم هذا الدليل مقدمة موجزة لأسس ومبادئ الصحافة كما تمارس في الأنظمة الديمقراطية - صحافة تحاول أن تستند إلى الحقيقة وليس إلى الرأي. وفي حين أنه يفسح المجال لإبداء الرأي، إلا أن ذلك يظل محصوراً في أفضل الصحف المحررة جيدا على صفحات الافتتاحيات وأعمدة كتاب مقالات الرأي (وهم كتاب ضيوف على الصحيفة). وهذا هو نوع الصحافة الذي مارسته بنفسي على مدى أكثر من 20 عاما كمراسلة وكمحررة، والذي أعلّمه الآن في ورش العمل المهنية في الولايات المتحدة وحول العالم. وهدفي هو تقديم دليل مفيد وعملي يساعد جميع الصحفيين على تقديم عمل أفضل للمجتمعات التي يخدمونه

الأربعاء، ماي 02، 2007

جودة التعلمات التربوية رهين بالأسرة والمؤسسة

جودة التعلمات التربوية رهين بالأسرة والمؤسسة
الثانوية الاعدادية أحمد الراضي السلاوي بتطوان في اسبوعها الثقافي التاسع
جودة التعلمات التربوية رهين بالأسرة والمؤسسة
كعادتها مند سنين، دأبت مؤسسة أحمد الراضي السلاوي على تنظيم أسبوعها الثقافي في الفترة الممتدة من 25/29/أبريل 2007، برنامج هده السنة كان غنيا بالعديد من الانشطة المختلفة التي توزعت ما بين: عروض فنية،وموائد مستديرة وورشات حول حقوق الانسان ومسابقات ثقافية ووصلات موسيقية ومواضيع بيئية وأمسية شعرية وانشطة رياضية وعروض مسرحية ومعارض وجداريات وانشطة مختلفة وعرض أشرطة وأفلام هادفة وزيارات لمتاحف المدينة وبعض المناطق التنموية ورحلات ترفيهية. البرنامج الغني لهده السنة كان يرمي الى توسيع دائرة المعارف بالنسبة للتلاميد، ليشمل كل فروع المعرفة الحديثة مع الانفتاح بالخصوص على الانشطة الموازية بشكل يمكن التلاميد من ابراز مواهبهم والتواصل مع المحيط الخارجي،ولهدا الغرض يقول الاستاد عبد الواحد أولاد البوذاني-مدير المؤسسة- حاولنا ان نوسع انشطة الاسبوع لتشمل ثقافة حقوق الانسان، ومدونة الاسرة بالاضافة الى الانشطة الترفيهية والاشعاعية ... حفل الافتتاح عرف تقديم عروض لتلميدات وتلاميد المؤسسة بالزي التطواني الأصيل وجولة عبر المعارض المنظمة من طرف التلاميد والاستادة ،وخصص يوم الختام للانشطة الرياضية وعروض مسرحية.وقد اكد كل الدين حضروا برنامج هده السنة على أن المشرفين على المؤسسة استطاعوا ان يتحدوا ضعف الامكانيات ليقدموا برنامجا ثقافيا واشعاعيا راقيا يستحق التنويه