السبت، يونيو 03، 2006

تأجير الأطفال للتسول في الوطن العربي



تأجير الأطفال للتسول في الوطن العربي


تبدو ظاهرة التسول مشكلة اجتماعية آخذة بالازدياد مع انتشار حالات البطالة والفقر والتشرد في العالم العربي، ولكن ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة القديمة الجديدة هو دخول العديد من الأطفال والنساء هذا المجال الذي يوشك أن يتحول إلى مهنة تدر على أصحابها الأموال الطائلة، فمن منا لم يلحظ الزيادة الهائلة في عدد المتسولين في كل مكان خاصة أمام أبواب المساجد، وبالخصوص في شهر رمضان، أكبر المواسم التي يتربح فيها المتسولون وينجحون في استدرار العطف وحتى الأموال التي يفترض أن تذهب إلى مستحقيها من فقراء ومحتاجين.قد يرى البعض ظلماً في وصف أرباب مهنة التسول بالمحتالين ولكنها الحقيقة في أغلب الأحيان وإن كانت قاسية، فالأمر قد يتطور إلى ما هو أكثر سوءاً من التسول خاصة بالنسبة للأطفال الذين تحضنهم الشوارع والطرقات بدلاً من المنازل يتعرضون إلى خطر اكتساب العادات والسلوكيات السيئة كالتدخين والسرقة وتعاطي المخدرات وربما ترويجها، وقد يتعرضون للتحرش الجنسي وفي غالب الأحيان إلى الاغتصاب ممن هم أكبر منهم في السن وأقدم منهم في المهنة، و السبب الرئيسي لهذه الظاهرة والآفة الإجتماعية الخطيرة في جميع الحالات هو الفقر والعوز، لكن يبدو أن الحكومات العربية غير آبهة بمكمن الداء وتسعى إلى حلول وقتية وغير فعالة كحملات أمنية ضد هؤلاء المتسولين، لكنها سرعان ما تطلق سراحهم ليتكرر المشهد مرات عدة.وقد برزت مؤخراً ظاهرة جديدة للتسول في الوطن العربي، وهي أطفال الإيجار، بمعنى الاستعانة بالأطفال، وخصوصاً الرضع منهم في عمليات التسول، إذ تقوم بعض العائلات المعوزة بتأجير أبنائها لعصابات التسول مقابل راتب شهري، كما يستعين المتسولون بأطفال الشوارع والمشردين الذين لا يملكون بيتاً أو أسرة وأطفال الملاجئ، فتأجير الأطفال في أخلاقيات التسول عمل طبيعي وإن كان في العرف الإنساني عمل فيه انتهاك لبراءة الطفل وقتل للقيم الإنسانية فيه، ويختلف سعر الطفل حسب نوعية العاهات، فثمن تأجير الطفل المعاق ضعف ثمن تأجير الطفل السليم، وكلما كانت العاهة خطيرة كان السعر أكثر وكان تهاتف المتسولين على الطفل أكبر، كما يُجبر المتسولون الأطفال على تناول حبوب منومة بشكل يومي لكي يبدو عليهم المرض وبالتالي حصول على المزيد من المال.وحالها حال العديد من الظواهر الاجتماعية المهملة في الوطن العربي، لا توجد إحصائيات دقيقة في المجتمع العربي عن عدد أو نسب المتسولين، لكن المواطن العادي يلمس عن قرب تفاقم الظاهرة من الملاحقات التي يتعرض لها في الشوارع والمحلات والمساجد.ويعتبر خبراء الاجتماع ظاهرة التسول، وخصوصاً تسول الأطفال، ظاهرة سيئة وتحدياً للمجتمع العربي لأنها توضح الجوانب السلبية والمدانة فيه، وقد ازدادت الظاهرة في السنوات الأخيرة لسوء تنظيم المجتمع العربي ولأسباب تتعلق الفقر والأمية والجهل وتفكك الأسرة فضلاً عن غياب الإصلاح في العالم العربي وعدم اهتمام الحكومات بالمواطن العادي.ويرى الأخصائيون أن الحل مشكلة التسول يمكن من خلال مواجهة جماعية، تلعب فيها الدولة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني الدور الفاعل في التشخيص والمعالجة، ولاشك أن الشخص المحتاج لايتسول إلا عندما يفقد الحصانة المبدئية والأخلاقية لسبب أو لآخر حينها لايتردد في مد يداه إلى الناس، وتشير الدراسات العلمية إلى أن هناك علاقة متلازمة بين التسول والسرقة لأن الإنسان عندما يفقد الحياء فانه يفعل ما يشاء، كما أن التسول قد يصبح عادة لايمكن تجاوزها أو الابتعاد عنها، وتصبح أكثر تركيزا وترسيخا وما يساعد على شيوع ظاهرة التسول ضعف وسائل الضبط الاجتماعي مثل الشرطة والأمن والمحاكم والمؤسسات الإصلاحية، وتنخفض معدلات التسول إذا كانت هذه العوامل قوية وفاعلة ومتشددة وحازمة.

ليست هناك تعليقات: